الشيخ: يبقى الجواب عن الحديث الأول، الحديث الأول ليس فيه معارضة والحمد لله شأن كل الأحاديث الصحيحة، إنما يأتي ادعاء المعارضة هو من فكرة قائمة في أذهان كثير من الناس اليوم وهي فكرة خاطئة، وهي أن الذين كانوا قبل الرسول عليه السلام هم من أهل الفترة، وهذا خطأ فاحش جداً، العرب في الجاهلية لم يكونوا من أهل الفترة، أي: لم تبلغهم دعوة نبي. كيف وإبراهيم وإسماعيل يقول الله رب العالمين في القرآن الكريم:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ}(البقرة:١٢٧) .. إلى آخر الآية.
وبعدين هم كانوا يحجون ويعتمرون وكانوا يطوفون، وكانوا يأتون بكثير من المناسك التي ورثوها عن إبراهيم وإسماعيل، فمن الخطأ الفاحش أن يقال: إن العرب كل العرب كانوا من أهل الفترة، ولذلك فالعرب بلغتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل والآثار إلى الآن، آثار هذه الدعوة لا تزال موجودة في المسجد الحرام، لكن معلوم أيضاً بالإضافة إلى هذا أن العرب دخل في ديانتهم أشياء كثيرة من الشرك والوثنية، وكان ذلك ظاهراً حتى في الكعبة التي كانت نصبت فيها الأصنام، والرسول لما دخلها كان يحطمها بعصاه، وكلما حطم صنماً يقول:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}(الإسراء:٨١)، لكن هذا لا يعني أنهم ما جاءتهم الدعوة، إنما نستطيع أن نقول: منهم من جاءتهم الدعوة والمقصود هنا بالدعوة ليس تفصيلياً؛ لأن الحقيقة المسلمين اليوم الدعوة التفصيلية ما جاءتهم على وجه الصحيح إلا أفراد قليلين جداً، لكن يهمنا العقيدة التوحيد الذي هي سبب النجاة من الخلود في النار يوم القيامة واضح أو لا؟