فأنا أقول أن العرب كأي أمة أخرى بلغتهم دعوة نبي أو رسول فمنهم من جاءته كما جاءت إلى الرسول وكما بلغها الرسول، ومنهم من انحرفت جاءته منحرفة، والله عز وجل هو الذي يعلم من هو الذي بلغته الدعوة قبل أن تنحرف عن الجادة والعكس بالعكس، لكن الغرض أن لا نطلق الكلام ونقول أن العرب في الجاهلية كانوا أهل فترة لهذا السبب أولاً، ولأحاديث متكاثرة جداً تدل على أن أفراداً من الجاهلية يعذبون، كهذا الحديث مثلاً:«إن أبي وأباك في النار» فهذا دليل أنه بلغته الدعوة وإلا كيف يعذب في النار ولم تبلغه الدعوة، وكحديث أن الرسول عليه السلام كان مع بعض أصحابه على دابته لما مر بقبرين فشمست الدابة، نفرت، فنظر الرسول عليه السلام فرأى هناك قبرين، فسأل أصحابه وقال:«متى مات هؤلاء أو هذان؟ قالوا: ماتا في الجاهلية. فقال عليه السلام: لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر» فالدابة سمعت عذاب القبر فشمست، والرسول يقول:«لولا أن تدافنوا» أي: لولا أن تموتوا فيدفن بعضكم بعضاً من رهبة سماع العذاب في القبر لأسمعتكم العذاب هذا.
كذلك الحديث الذي يقول السائل أو السائلة أن فلان في الجاهلية، حاتم الطائي أو غيره، ابن جدعان يمكن أنه كان كريماً وكان مضيافاً وكان كثير الخيرات واليتامى والمساكين .. وإلى آخره هل ينفعه شيء من ذلك يا رسول الله؟! قال:«لا، إنه لم يقل يوماً من دهره: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين»، لذلك فباختصار أهل الجاهلية ليسوا أهل فترة، بلغتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل وكان بعض أفرادهم على التوحيد. نعم.
مداخلة: هل صح بأنه كان أفراد ... لا يتجاوزون الستة نفر هم الذين يعلمون كورقة بن نوفل مثلاً عن الحنيفية السمحة وكان كثير النظر للسماء والهمهمة ولا