للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن نحن جاءنا أو جاءتنا دعوة النذير، فالآية ما تعني الشخص فقط كما تعني دعوته، فالشخص بالنسبة للدعوة هو كالوسيلة مع الغاية والغاية هو الدعوة، فإذا بلغت الدعوة شخصاً ما أو شعباً ما أو أمة ما فقد أقيمت الحجة، سواء كان هذا البلوغ مباشرة من الرسول عليه السلام إلى قومه أو بواسطة أصحابه أو من يأتون من بعدهم، المهم بلوغ الدعوة.

وعلى هذا نحن نقول إن الأحاديث [حصل هنا انقطاع] الآية؛ لأن الإنذار المذكور فيها لا يعني الإنذار المباشر من النذير فقط، وإنما يعني وصول النذارة، فسواء كان بالواسطة أو بدون واسطة، وحينئذ تسلم لنا الأحاديث الكثيرة التي يمكن أن نقول عنها بأنها متواترة المعنى حيث أنها كلها تجتمع على أن الذين ماتوا قبل بعثة الرسول عليه السلام وأخبر الرسول عليه السلام أنهم يعذبون وقد بلغتهم الدعوة، وليست الدعوة التي بلغتهم إلا هي دعوة أبينا إبراهيم وإسماعيل الذين قاموا ببناء الكعبة وتوارثوا الطواف أو الحج إلى بيت الله الحرام من نبيهم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فحينما يأتي حديث كحديث: «إن أبي وأباك في النار» أو الحديث الثاني الذي ذكرته: «استأذنت ربي .. » والحديث الثالث: «كلما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار». والحديث الرابع الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مر بقبرين فشمست به الدابة، وإذا به يرى قبرين فسأل عنهما، قالوا: ماتا في الجاهلية. فقال: «لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر» يشير بهذا الحديث إلى أن الدابة حينما شمست سمعت عذاب المعذبين بالقبر، فإذاً: هؤلاء ماتوا في الجاهلية ومع ذلك يعذبون، فلا يمكن أن تفسر هذه الأحاديث وهي كما قلت آنفاً تعطينا معنى متواتراً وهي أن الذين ماتوا في الجاهلية أخبر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنهم يعذبون ونعلم بالضرورة أنهم ما جاءهم من نذير بالمعنى الضيق الأول، لكن نعلم أنهم جاءهم

<<  <  ج: ص:  >  >>