يكن شيء منه هناك، أما الآن فهذا أمر لا بد منه، وهو فرض من فروض الكفاية، العالم اليوم لكي يتمكن من معرفة هذا حديث صحيح أو ضعيف، ليس هذا ميسراً له كما كان الأمر بالنسبة للصحابي؛ لأنه يتلقى الحديث من فم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - غضاً طرياً، ثم التابعي يتلقاه من الصحابة الذين زكوا بشهادة الله عز وجل لهم إلى آخره، فما كان ميسوراً يومئذٍ ليس ميسوراً اليوم، لهذا ينبغي ملاحظة هذا الأمر، والاهتمام كما ينبغي مما يتناسب مع المشاكل المحيطة بنا اليوم بصفتنا مسلمين، ما لم يكن المسلمون الأولون قد أحاط بهم مما أحاط بنا من الإشكالات والشبهات وعلم الكلام، من أجل ذلك، أو يحسن بنا أن نذكر من أجل ذلك في بعض الأحاديث الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما ذكر الغرباء في بعضها، قال:«للواحد منهم خمسون من الأجر»، قالوا: منا يا رسول الله أم منهم، قال:«منهم»، ثم عللَّ ذلك بقوله عليه السلام:«إنكم تجدون على الحق أنصاراً، ولا يجدون على الحق أنصاراً»، هذا من مقتضى الغربة الشديدة القائمة اليوم، التي لم تكن في الزمن الأول، لا شك أنه الزمن الأول الغربة كانت بين شرك وتوحيد، بين كفر وإيمان، أما الآن المشكلة بين المسلمين أنفسهم، فهذه قضية ينبغي الانتباه لها أولاً، ثانياً: لا ينبغي أن يقول ناس من الناس ولنقل نحن مثلاً معشر السلفيين المحصورين في بلد ما، نحن الآن ينبغي أن ننتقل إلى مرحلة أخرى غير مرحلة الدعوة إلى التوحيد، وأعني بهذه المرحلة الأخرى هو العمل السياسي، لا ينبغي أن نقول هذا؛ لأن الإسلام دعوته دعوة حق أولاً، وعامة ثانياً، نحن ما ندري من أين ستنبغ الحركة التي يبدأ منها تحقيق الحكم بالإسلام في أرض الله الواسعة، ولذلك فيجب أن تكون دعوتنا عامة، إن كانت مثلاً دعوتنا في بلد عربي كمثل بلدنا هذا مثلاً، فما ينبغي أن نقول: نحن عرب والقرآن نزل بلغتنا العرب، مع أننا نذكر بأن العرب اليوم كبعض الأعاجم الذين استعربوا، فالعرب اليوم استعجموا؛ بسبب