نعني بتحقيق بكلمة التحقيق تحقيق ذلك في المجتمع الإسلامي كله، هذا مما لا نفكر فيه ولا مناماً؛ لأن هذا أمر مستحيل؛ لأن الله عز وجل يقول في القرآن الكريم:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}(هود:١١٨، ١١٩)، هؤلاء المرحومون لا يتحقق فيهم أنهم مرحومون فعلاً من ربنا تبارك وتعالى إلا إذا فهموا الإسلام فهماً صحيحاً، وربوا أنفسهم أيضاً على هذا الإسلام الصحيح، فالاشتغال الآن بما يسمى بالعمل السياسي، ونحن لا ننكر العمل السياسي، لكننا نعتقد بالتسلسل المنطقي الشرعي في آن واحد، أن نبدأ بالعقيدة ونثني بالعبادة وبالسلوك تصحيحاً لكل هذه الأمور، ثم لا بد أن يأتي يوم لا بد من العمل السياسي فيه؛ لأن السياسة معناها: إدارة شؤون الأمة، من الذين يدير شؤون الأمة، ليس زيد وبكر وعمر الذي هو يتريس على جماعة أو يوجه جماعة هذا أمر الأمير الإمام الأول، يعني الذي يبايع من قبل المسلمين فهذا هو الذي يجب أن يكون على معرفة بسياسة الواقع، أما أن نشغل أنفسنا بأمور نحن لو عرفناها حق المعرفة لا نتمكن من إدارتها؛ لنضرب مثلاً واضحاً جداً اليوم مع الأسف الشديد، هذه الحروب القائمة ضد المسلمين اليوم في كثير من بلاد الإسلام، هل يفيد تحريك وإثارة حماس المسلمين في كل بلاد الدنيا ونحن لا نملك الجهاد الواجب إدارتها من إمام مسؤول، لا فائدة من هذا العمل، لا نقول: هذا ليس بواجب، هو واجب،
ولكنه أمر سابق لأوانه، ولذلك فعلينا أن نشغل أنفسنا وأن نشغل غيرنا ممن ندعوهم إلى دعوتنا أن نفهمهم الإسلام الصحيح، وأن نربيهم تربية صحيحة، وإشغالهم بأمور حماسية فذلك مما سيصرفهم عن التمكن في الدعوة التي هي تجب أن يقوم بها أو أن تقوم في ذهن كل مكلف من المسلمين كتصحيح العقيدة وتصحيح العبادة وتصحيح السلوك، هذه من الفروض العينية التي لا يعذر مُقَصِّر فيها، أما الأمور الأخرى فهي بعضها يكون من