اسْتَوَى} (طه:٥) لكنهم ينزهون، لأنهم يأخذون القرآن جملة وتفصيلاً، لا يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، فالتفويض إذاً لا يجوز نسبته إلى السلف، هذا كذب وافتراء عليهم، ولذلك قلت لك: كيف تستدل بالأثر المذكور عن مالك: الاستواء معلوم .. هذا دليل على أنهم كانوا لا يفوضون، كانوا يفسرون القرآن باللغة العربية، بل لا يفسرون لأن النظر واضح، ولذلك قال له: ما قال له الاستواء هو الاستعلاء كما قلت أنت، لكنه قال: الاستواء معلوم، أنت تسأل عن الاستواء ما هو؟ الاستواء معلوم، وهو العلو، وهذا ما صرح به الإمام البخاري عن بعض السلف أن {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}(الأعراف:٥٤) أي: استعلى، لكن مذهب مالك يتابع كلامه فيقول: والكيف مجهول، إذا كان هناك تفويض فهنا التفويض، أي: تفويض في الكيفية لا في الحقيقة، فكيفية الاستواء مجهول، أما الاستواء نفسه فهو معلوم، فالاستواء مثلاً ليس هو النزول، هذا عربيةً، الاستواء ليس هو النزول، بل هو ضد النزول، لأنه يأتي بمعنى الصعود، {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}(البقرة:٢٩) أي: صعد إليها، الاستواء هنا في آية:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}(الأعراف:٥٤) معناه معروف لغة، لكن كيف استوى؟ قال: الكيف مجهول.
فإذا أُريد بالتفويض تفويض حقائق الصفات الإلهية هذا صحيح ومسلم
فيه تماماً.
مداخلة: الواقع أن السؤال عن كيف؟
الشيخ: كيف ما أحد يتكلم من السلف عن الكيف أبداً، والسؤال هنا عن الكيف، ولذلك أجاب: أن الاستواء معلوم والكيف مجهول، إذاً السلف يثبتون معاني آيات الصفات وأحاديث الصفات، لكن يفوضون كيفية هذه الصفات، وهذا هو المذهب الحق، وإلا لزم منه أمور لا يتحملها إنسان مسلم أبداً من الضلال.