النبيين وليس آخرهم وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا نبي بعدي» بقولهم: أي معي, وأنكروا وجود الجن مع تردد ذكرهم في القرآن الكريم فضلاً عن السنة وتنوع صفاتهم فيهما, وزعموا أنهم طائفة من البشر إلى غير ذلك من ضلالاتهم، وكلها من بركات التأويل الذي أخذ به الخلف في آية الاستواء وغيرها من آيات الصفات.
وليس أدل على ضرر التأويل على أصحابه المغرمين به من القول الذي شاع بينهم ولهجت به ألسنتهم كلما أثير بحث الصفات والإيمان بها على حقائقها أو على تأويلها ألا وهو قولهم:
«مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم».
والشاب المثقف اليوم الذي لم تتلوث ثقافته الشرعية بشيء من علم الكلام ربما لا يصدق أن أحداً من الخلف يقول مثل هذا القول وحق له ذلك لخطورته وفظاعته ولكنه - مع الأسف - هو الواقع المعروف لدى طلبة الشريعة، وإليك مثالا واحداً على ذلك مما يقرؤونه على مشايخهم قال الباجوري في حاشيته (ص٥٥) تحت قول صاحب " الجوهرة ":
وكل نص أوهم التشبيها ... أوِّله أو فوِّض ورم تنزيها
"وطريقة الخلف أعلم وأحكم لما فيه من مزيد الإيضاح والرد على الخصوم وهي الأرجح، ولذلك قدمها المصنف، وطريقة السلف أسلم لما فيها من السلامة من تعيين معنى قد يكون غير مراد له تعالى".
وكلام الكوثري المشهور بعدائه الشديد لأهل السنة والحديث في تعليقاته كلها يدور على هذا المعنى من التفصيل المزعوم وفي تعليقه على " السيف الصقيل " التصريح بذلك (ص ١٣٢)