وهذا القول إذا تدبره الإنسان وجده في غاية الجهالة بل في غاية الضلالة قال ابن تيمية في " العقيدة الحموية ": " كيف يكون هؤلاء المتأخرون لا سيما والإشارة بالخلف إلى ضرب من المتكلمين الذين كَثُر في باب الدين اضطرابهم وغلظ عن معرفة الله حجابهم، وأخبر الواقف على نهاية إقدامهم بما انتهى إليه من مرامهم حيث يقول:
لعمري قد طفت المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاً كف حائر ... على ذقن أو قارعاً سن نادم
وأقروا على أنفسهم بما قالوا متمثلين به أو منشئين له فيما صنفوه من كتبهم مثل قول بعض رؤسائهم:
نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ويقول الآخر منهم:
" أكثر الناس شَكَّا عند الموت أصحاب الكلام "
ثم إذا حُقَّ عليهم الأمر لم يوجد عندهم من حقيقة العلم بالله وخالص المعرفة به خبر، ولا وقعوا من ذلك على عين وعلى أثر.
كيف يكون هؤلاء المنقصون المحجوبون الحيارى المتهوكون أعلم بالله وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل وأعلام الهدى ومصابيح الدجى، الذي بهم قام الكتاب وبه قاموا، الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع