للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلماء الكلام، نقول هذا لأن الشيخ - هدانا الله وإياه قال: " إن هذه الألفاظ وضعت في أصل معناها لهذه المعاني الحسيةً " ووجوده الله وعلمه وحياته وسائر صفاته ليست حسية، وعليه فلا تطلق عليها كما قال إلا مجازاً فهل أحس الشيخ أين طَوَّحت به كلمته هذه؟ فإن كنت لا تدري ... فأقول: قد عرفنا معنى الوجود المحسوس والحياة المحسوسة والعلم المحسوس والاستواء المحسوس، فما هو معنى هذه الأسماء إذا أضيفت إلى الله تعالى وهو غير محسوس؟ فالجواب: إنه لا معاني لها وإنما هي أسماء له فقط كما تقوله المعتزلة تماماً كما حكاه الشيخ نفسه عنهم فإنه قال في " المذاهب " (ص ٣٠٣):

" نفى المعتزلة الصفات كما قررنا وأثبتها الأشعري، وقالوا إنها شيء غير الذات فقد أثبتوا القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام، وقالوا: إنها غير الذات، وقال المعتزلة لا شيء غير الذات وإن المذكور في القرآن من مثل قوله تعالى: " عليم، وخبير، وحكيم، وسميع، وبصير، هو أسماء له تعالى ".

أي لا معاني لها وإنما هي كالأعلام المحضة المترادفة، ولذلك نعى ذلك عليهم العلماء ونسبوهم إلى التعطيل كما هو مبين في كتب شيخ الإسلام وغيره.

فهل يلتزم فضيلة الشيخ أبو زهرة ما لزمه من كلامه السابق من التعطيل الذي حكى مثله عن المعتزلة فيكون على ذلك مثلهم منكراً لصفات الله تعالى الثابتة بالقرآن والسنة، أم يتراجع عن تلك الكلمة لأنها زلة لسان ويلتزم المذهب الذي شرحه ابن تيمية شرحاً ليس من السهل الاستدراك عليه فيه، ومنه الاستواء؛ فيؤمن به على أنه صفة حقيقية لله تعالى تليق به، كما ينبغي أن يؤمن كذلك بجميع صفاته عز وجل كالعلم والكلام ولا يصرفها إلى المجاز فيقع في التعطيل؟ كنت أرجو أن أعتبر تلك الكلمة منه زلة لسان صدرت منه، ولكن صدني عن ذلك هو نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>