يقبلون دينك إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ليروه جهرة لأن اليهود كانوا مشبهة يجوزون على الله المجيء والذهاب) نقله الكوثري في تعليقه على "الأسماء والصفات "(ص ٤٤٧ - ٤٤٨) عن الفخر الرازي وأقره.
فتأمل - هداني الله وإياك - كيف أنكر مجيء الله الصريح في الآيتين المذكورتين. وهو إنما يكون يوم القيامة كما جاء في تفسير ابن جرير لقوله تعالى:«هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك» فذكر (١٢/ ٢٤٥ - ٢٤٦) في قوله: {أو يأتي ربك} عن قتادة وابن جريج: يوم القيامة ونحوه عن ابن مسعود وغيره. في " الدر المنثور"(١/ ٢٤١) وانظر كلمة الإمام ابن راهويه في إثبات المجيء في الفقرة الآتية من الكتاب (٢١٣).
فنفى هذا المتأول ببركة التأويل إتيان الله ومجيئه يوم القيامة الثابت في هذه الآيات الكريمة والأحاديث في ذلك أكثر وأطيب, ولم يكتف بهذا بل نسب القول بتجويز المجيء على الله إلى اليهود وأن الآية نزلت في حقهم ضلال وكذب, أما الضلال فواضح من تحريف الآيات المستلزم الطعن في الأئمة الذين يؤمنون بمجيء الله تعالى يوم القيام. وأما الكذب فإن أحداً من العلماء لم يذكر أن الآية نزلت في اليهود بل السياق يدفع ذلك قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ في السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين، فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم، هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ في ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ}(سورة البقرة: ٢٠٨ - ٢١١).
قلت: فأنت ترى أن الخطاب موجه للمؤمنين ولذلك قال ابن جرير في "تفسيره"(٤/ ٢٥٩) لقوله تعالى: {فإن زللتم .. }:
" يعني بذلك جل ثناؤه فإن أخطأتم الحق فضللتم عنه وخالفتم الإسلام