وشرائعه من بعد ما جاءتكم حججي وبينات هداي, واتضحت لكم صحة أمر الإسلام بالأدلة التي قطعت عذركم أيها المؤمنون - فاعلموا أن الله ذو عزة ... "
نعم قد روى ابن جرير (٤/ ٢٥٥) عن عكرمة قوله:" {ادخلوا في السلم كافة} قال: نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام وو ... كلهم من يهود قالوا: يا رسول الله يوم السبت كنا نعظمه فدعنا فلنسبت فيه ... فنزلت".
قلت: وهذا مع أنه في مؤمني اليهود لا يصح إسناده لإرساله, ولو صح لم يجز القول بأنها " نزلت في حق اليهود " لأنها تعني عند الإطلاق كفارهم والواقع خلافه فتأمل هذا رحمنا الله وإياك, هل تجد في هذه الآيات المصرحة بإتيان الله ومجيئه قرينة من تلك القرائن الثلاث تضطر السامع إلى فهم ذلك على نحو مجيء المخلوق وهذا تشبيه حقّاً اضطرهم هذا الفهم الخاطئ إلى إنكاره ونسبته إلى اليهود وصاروا إلى التأويل. وكان بوسعهم أن يثبتوا لله تعالى هذه الصفة كما أثبتها السلف دون تشبيه كما قال تعالى:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وإلا فهم على ذلك سيتأولون السمع والبصر أيضا لأن الله تعالى قد أثبت للمخلوق سمعاً وبصراً في القرآن والسنة, فقد يقولون إننا إذا أثبتنا السمع والبصر لله شبهناه بمخلوقاته, وهذا ما فعلته المعتزلة تماما فإنهم تأولوهما بالعلم تنزيهاً له تعالى عن المشابهة زعموا وبذلك آمنوا بالطرف الأول من الآية [ليس كمثله شيء] ولم يؤمنوا بالطرف الآخر منها {وهو السميع العليم} وأما الأشاعرة وغيرهم من الخلف فقد آمنوا بكل ذلك هنا فجمعوا بين التنزيه والإثبات قائلين: سمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا. فهذا هو الحق وكان عليهم طرد ذلك في كل ما وصف الله به نفسه فيقال: مجيئه تعالى حق ولكنه ليس كمجيئنا, ونزوله إلى السماء الدنيا حق لتواتر الأحاديث بذلك كما يأتي في الكتاب ولكن ليس كنزولنا,