" فأما قضية قعود نبينا على العرش فلم يثبت في ذلك نص بل في الباب حديث واه, وما فسر به مجاهد الآية كما ذكرناه ".
قلت: ولو أن المصنف رحمه الله تعالى وقف عند هذا البيان الواضح في أنه ليس في الباب نص ملزم للأخذ به لكان قد أحسن وسد بذلك الطريق على أهل الأهواء أن يتخذوا ذلك ذريعة للطعن في أهل السنة والحديث كما فعل الكوثري هنا بالذات في مقدمته لكتاب " تبين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري "(ص ٦٤) فقد قال فيهم بعد أن نبزهم بلقب الحشوية - أسوة بسلفه من الجهمية - وغيرهم (١):
"ويقولون في الله مالا يُجوِّزه الشرع ولا العقل من إثبات الحركة له (تعالى) والنَقْلَة (ويعني بهما النزول) والحد والجهة (يعني العلو) والقعود والإقعاد). فيعني هذا الذي نحن في صدد بيان عدم ثبوته.
أقول: لو أن المؤلف رحمه الله وقف عند ما ذكرنا لأحسن, ولكنه لم يقنع بذلك بل سَوَّد أكثر من صفحة كبيرة في نقل أقوال من أفتى بالتسليم بأثر مجاهد في تفسير قوله تعالى:{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا]} قال: يجلسه أو يُقعِده على العرش. بل قال بعضهم: " أنا منكر على كل من رد هذا الحديث وهو عندي رجل سوء متهم " بل ذُكر عن الإمام أحمد أنه قال: هذا تلقته العلماء بقبول, إلى غير ذلك من الأقوال التي تراها في الأصل ولا حاجة بنا إلى استيعابها في هذه
(١) انظر كلام الحافظ أبي حاتم الرازي في ترجمته (٧٧). [منه].