المقدمة. وذكر في (مختصره) المسمى بـ (الذهبية) أسماء جمع آخرين من المحدثين سلَّموا بهذا الأثر ولم يتعقبهم بشيء هناك. وأما هنا فموقفه مضطرب أشد الاضطراب فبينما تراه؛ يقول في آخر ترجمة محمد بن مصعب العابد عقب قول من تلك الأقوال (ص ١٢٦):
" فأبصِر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الفكر بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر ... "
فأنت إذا أمعنت النظر في قوله هذا ظننت أنه ينكر هذا الأثر ولا يعتقده ويلزمه ذلك ولا يتردد فيه ولكنك ستفاجأ بقوله (ص ١٤٣) بعد أن أشار إلى هذا الأثر عقب ترجمة حرب الكرماني
"وغضب العلماء لإنكار هذه المنقبة العظيمة التي انفرد بها سيد البشر ويبعد أن يقول مجاهد ذلك إلا بتوقيف ... "
ثم ذكر أشخاصا آخرين ممن سَلَّموا بهذا الأثر غير من تقدم فإذا أنت فرغت من قراءة هذا قلت: لقد رجع الشيخ من إنكاره إلى التسليم به لأنه قال: إنه لا يقال إلا بتوقيف ولكن سرعان ما تراه يستدرك على ذلك بقوله بعد سطور:
" ولكن ثبت في " الصحاح " أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - ".
قلت: وهذا هو الحق في تفسير المقام المحمود دون شك ولا ريب للأحاديث التي أشار إليها المصنف رحمه الله تعالى وهو الذي صححه الإمام ابن جرير في " تفسيره "(١٥/ ٩٩) ثم القرطبي (١٠/ ٣٠٩) وهو الذي لم يذكر الحافظ ابن كثير غيره وساق الأحاديث المشار إليها, بل هو الثابت عند مجاهد