للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمجرد أن يستحضر عظمة الله تبارك وتعالى، وأنه قادر على كل شيء مجرد استحضاره لهذا المعنى يعلم أنه ما يخلق شيئاً إلا وهو مسيطر عليه لا تنفك سيطرته عنه لحظة مهما دقت وصغرت.

فإذاً: هم بزعمهم في سبيل تنزيه الله عن المعنى الخاطئ الذي قام في نفوسهم وقعوا في تنقيص الله عز وجل وفي نسبتهم له إلى العجز والتقصير لأنه لم يكن مستولياً على العرش ولو لحظة من الزمن، ثم استولى على العرش، وهذا ضلال لا يحتاج إلى كثير شرح.

ما الذي أوصلهم إلى مثل هذا التأويل؟

زعموا بأنهم أرادوا الخلاص من جعل الله عز وجل بمكان وبظنهم أن المسلم إذا آمن بقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (الأعراف:٥٤) بمعنى استعلى في ظنهم أن معنى هذه الآية أن الله عز وجل بمكان، وهذا ظن خاطئ، ورأي عاطل لا ينبغي أن يتورط أو أن يغتر به المسلم؛ لأن الله تبارك وتعالى ليس بمكان، لا قبل المخلوقات ولا بعد المخلوقات، كان الله ولا شيء معه، الله تبارك وتعالى غني عن مخلوقاته فإنه تبارك وتعالى من أوصافه وهو الغني عن العالمين، كما قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران:٩٧) فكان الله كما نعلم جميعاً ولا شيء معه، ولا خلق معه، ثم خلق المخلوقات كلها، فقبل أن يخلق المخلوقات لم يكن في مكان قطعاً، لأن المكان وجد بوجود الخلق، أما قبل وجود الخلق فلم يكن هناك مكان، فإذاً: كان الله ولا خلق معه أي: ولا مكان معه أيضاً، فلما خلق الله تبارك وتعالى المخلوقات وجد المكان، فهل حل في هذا المكان؟ حاشا لربنا أن يكون فقيراً محتاجاً إلى شيء من خلقه، فهو عز وجل من هذه الحيثية ليس بمكان وليس بحاجة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>