للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيحة في الإنكار، فهم بدل أن يقولوا: لا إله مطلقاً يقولون مثلاً: الله لا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا يسار، ولا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، فأين الله إذاً؟

لو قيل لأفصح العرب بياناً: صف لنا المعدوم، لم يستطع أن يصف المعدوم بأكثر مما يصف هؤلاء نفاة العلو، لا يستطيع هذا الفقيه أن يصف المعدوم بأكثر مما يصف هؤلاء الذين ينكرون صفة الله عز وجل، حين يقولون: الله تبارك وتعالى لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، إذاً: أين الله؟

بعض الملوك العقلاء جمع في زمانه أو بالتعبير الأدق: بعض النواب، نائب أحد الملوك هناك في دمشق جمع شيخ الإسلام بن تيمية مع أمثال هؤلاء العلماء النفاة لصفة العلو، جمعهم في مجالس عديدة، وجرى نقاش بين ابن تيمية رحمه الله وبين هؤلاء النفاة، وسمع من ابن تيمية حججه وكلامه، وسمع من الآخرين، فقال ذلك النائب نائب الملك في آخر الحديث، قال: هؤلاء قوم ضيعوا ربهم، هذا رجل ما هو عالم، لكنه عاقل، لما سمع حجج ابن تيمية في إثبات الله عز وجل وجوداً وصفةً، ومن صفاته أنه هو القاهر على عباده، وسمع حجج النفاة في هذه الصفة أن الله لا يوصف بأنه فوق لا تحت ولا يمين ولا أمام ولا خلف ولا داخل العالم ولا خارجه، وبعضهم يزيد على ذلك فيقول: لا متصلاً به ولا منفصلاً عنه تأكيداً للتعطيل، لما سمع هذا النائب أو الوالي بالتعبير العصري اليوم، قال: هؤلاء قوم ضيعوا ربهم، وهذه كلمة حق، لأن الذي لا يعرف [أن] ربه فوق المخلوقات كلها معناه أنه لم يعرف ربه، لأنه إن لم يكن لا داخل العالم ولا خارجه فليس

<<  <  ج: ص:  >  >>