للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فسر الآية بما سبق أن عزوته للسلف؛ ومنهم الإمام البيهقي في كتابيه المذكورين آنفاً (١)، وهما من الكتب التي يحض هذا الهالك على قراءتها في تعليقة (ص٧٨)؟! وهل أدل على أتباعه لهواه من مخالفته للعلماء الذين صححوا حديث الرحمة هذا، ومنهم شيخاه الغماريان؟! وكذلك تضعيفه لكثير من الأحاديث الصحيحة الأخرى كحديث الجارية؛ وقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أين الله؟». رواه مسلم، وصححه جمع كما فصلت القول في ذلك فيما يأتي برقم (٣١٦١)، وكحديث اختصام الملأ الأعلى، وقد صححه البخاري والترمذي وأبو زرعة والضياء، وهو غير حديث: «رأيت ربي جعداً أمرد .. » فإنه منكر، وحديث: «رأيت ربي مبنى عند النفر على جمل ... »، فإنه موضوع كما هو مبين في "الضعيفة" (٦٣٣٠)، وقد لبَّس (السقاف) بهذا على القراء فأوهمهم أن الذهبي أنكر حديث الاختصام، وإنما أراد هذا، فارجع إلى الرقم المذكور لترى العجب من تدليس هذا الرجل وتضليله للقراء. وقد وجدت لحديث الاختصام طريقاً أخرى - بل شاهداً صحيحاً - فخرجته في "الصحيحة" (٣١٦٩).

وإن مما يجب التنبيه عليه بهذا المناسبة أن الرجل كما يُضعِّف الأحاديث الصحيحة؛ فهو على العكس من ذلك يُقوِّي الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ويحتج بها معطلاً بها معاني الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة، فهو مثلاً يبطل دلالة الحديث المتواتر في النزول الإِلهي، وقوله تعالى فيه: «من يدعوني فأستجيب له .. » بحديث تفرد بروايته حفص بن غياث لم يذكر فيه النزول ولا قوله تعالى المذكور، بل رواه بلفظ: «ثم يأمر منادياً ينادي يقول: هل من داع .. »، وهذا


(١) وقد نقلت عبارته تحت الحديث (٦٣٣٢ - الضعيفة)، ونقلت هناك عن ابن الجوزي أنه فسر الآية كما فسرها البيهقي؛ فهل هو مجسم أيضاَ؟!. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>