هناك عند تخريج الحديث، وقد طبع أخيراً بتحقيق الأخ الفاضل أبي عبد الله محمود بن محمد الحداد، فراجع فهرس أحاديثه تجد أسماءهم والإشارة إلى مواضع أحاديثهم منه، وبعضها مما اتفق عليه الشيخان، من ذلك أسامة بن زيد، وهو مخرج في "أحكام الجنائز"(١٦٣ - ١٦٤) بلفظ:
"إنما يرحم الله من عباده الرحماء ".
والجملة الأخرى:"يرحمكم من في السماء".
وهي صحيحة كما تقدم، وقد بسط الكلام عليها الأخ الفاضل المشار إليه آنفاً، وهي التي أقامت ذاك المبطل وأقعدته، بل وقصمت ظهره؛ لأن حرف "في" فيها هو بمعناه في الجملة الأولى بداهة؛ أي:"على"، لا يجادل في ذلك إلا معاند، فهي تؤكد أن هذا الحرف هو بهذا المعنى نفسه في قوله تعالى:{أأمنتم من في السماء}؛ أي: على السماء؛ أي: فوق العرش، وبذلك فسَّرها علماء السلف والخلف - ومنهم ابن عبد البر في "التمهيد"، والبيهقي في كتابيه:"الأسماء" و"الاعتقاد" - وذاك المبطل يعلم هذه الحقيقة ولكنه يكابر، ويبطل الحديث الصحيح ليسمي هذا التفسير تأويلاً، ويسمي تعطيله لمعنى الآية الكريمة تفسيراً على قاعدة:(رمتني بدائها وانسلت)، فيقول (ص٦٥): "أي صاحب العظمة والرفعة والكبرياء وهو الله تعالى ... " ويؤكد هذا التعطيل في مكان آخر (ص١٣٩)، ويضيف إليه فيقول -فض فوه-:
"والآية مؤولة عند المجسمة بـ (من على السماء) ... "!
فيا ويله ما أجرأه على نبز السلف بـ (المجسمة)! وفيهم من يتظاهر بتبجيله وإن كنت أعلم أنه لا مبجّل عنده إلا هواه، وإلا فقل لي بربك كيف يرمي بالتجسيم