والجواب عنها ما قاله ابن تيمية في " التدمرية "(ص ٤٥): قد يراد بـ " الجهة " شيء موجود غير الله فيكون مخلوقاً، كما إذا أريد بـ " الجهة " نفس العرش أو نفس السماوات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم، ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه، كما فيه إثبات العلو والاستواء والفوفية والعروج إليه ونحو ذلك، وقد عُلِمَ أنَّ ما ثَمَّ موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.
فيقال لمن نفى: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلاً في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أن الله فوق العالم، وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة: أتريد بذلك أن الله فوق العالم، أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل".
ومنه يتبين أن لفظة الجهة غير وارد في الكتاب والسنة، وعليه فلا ينبغي إثباتها ولا نفيها؛ لأن في كل من الإثبات والنفي ما تقدم من المحذور، ولو لم يكن في إثبات الجهة إلا إفساح المجال للمخالف أن ينسب إلى متبني العلو ما لا يقولون به لكفى.
وكذلك لا ينبغي نفي الجهة توهماً من أن إثبات العلو لله تعالى يلزم منه إثبات الجهة؛ لأن في ذلك محاذير عديدة منها نفي الأدلة القاطعة على العلو له تعالى، ومنها نفي رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة فصرح بنفيها المعتزلة والشيعة وعلل ابن المطهر الشيعي في " منهاجه " النفي المذكور بقوله: " لأنه ليس في