جهة " وأما الأشاعرة أو على الأصح متأخروهم الذين أثبتوا الرؤية فتناقضوا حين قالوا: " إنه يرى لا في جهة " يعنون العلو قال شيخ الإسلام في " منهاج السنة " (٢/ ٢٥٢):
" وجمهور الناس من مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون: إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل كقولهم في الكلام، ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية أحد من طوائف المسلمين".
ثم أخذ يرد على النفاة من المعتزلة والشيعة بكلام رصين متين فراجعه فإنه نفيس وجملة القول في الجهة أنه إن أريد به أمر وجودي غير الله كان مخلوقاً، والله تعالى فوق خلقه لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات، فإنه بائن من المخلوقات كما سيأتي في الكتاب عن جمع من الأئمة.
وإن أريد بـ "الجهة" أمر عدمي وهو ما فوق العالم فليس هناك إلا الله وحده.
وهذا المعنى الأخير هو المراد في كلام المثبتين للعلو، والناقلين عن السلف إثبات الجهة لله تعالى كما في نقل القرطبي عنهم في آخر الكتاب. وقال ابن رشد في " الكشف عن مناهج الأدلة " (ص ٦٦):
" القول في الجهة ": وأما هذه الصفة لم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة، ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله، وظواهر الشرع كلها تقتضي إثبات الجهة مثل قوله تعالى:(ثم ذكر بعض الآيات المعروفة ثم قال) إلى غير ذلك من الآيات التي إن سلط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤولاً وإن قيل فيها إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابها؛ لأن الشرائع كلها متفقة على أن الله في السماءَ وأن منه تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين ... ).