والله فوق العرش والكرسي ... لا تخفى عليه خواطر الإنسان
لا تحصروه في مكان إذ تقو ... لوا: ربنا حقا بكل مكان
نزهمتوه بجهلكم عن عرشه ... وحصرتموه في مكان ثان
لا تعدموه بقولكم: لا داخل ... فينا ولا هو خارج الأكوان
الله أكبر هتكت أستاركم ... وبدت لمن كانت له عينان
والله أكبر جل عن شَبَهٍ وعن ... مِثل وعن تعطيل ذي كفران
إذا أحطت علماً بكل ما سبق استطعت بإذن الله تعالى أن تفهم بيسر من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية التي ساقها المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب الذي بين يديك " مختصره " أن المراد منها إنما هو معنى معروف ثابت لائق به تعالى، ألا وهو علوه سبحانه على خلقه، واستواؤه على عرشه، على ما يليق بعظمته، وأنه مع ذلك ليس في جهة ولا مكان؛ إذ هو خالق كل شيء، ومنه الجهة والمكان، وهو الغني عن العالمين، وأن من فسرها بالمعنى السلبي فلا محذور منه، إلا أنه مع ذلك لا ينبغي إطلاق لفظ الجهة والمكان ولا إثباتهما لعدم ورودهما في الكتاب والسنة، فمن نسبهما إلى الله فهو مخطئ لفظأً إن أراد بهما الإشارة إلى إثبات صفة العلو له تعالى، وإلا فهو مخطئ معنى أيضاً إن أراد به حصره تعالى في مكان وجودي أو تشبيهه تعالى بخلقه.
وكذلك لا يجوز نفي معناهما إطلاقاً إلا مع بيان المراد منهما؛ لأنه قد يكون الموافق للكتاب والسنة؛ لأننا نعلم بالمشاهدة أن النفاة لهما إنما يعنون بهما نفي صفة العلو لله تعالى من جهة ونسبة التجسيم والتشبيه للمؤمنين بها، ولذلك ترى الكوثري في تعليقاته يدندن دائما حول ذلك بل يلهج بنسبة التجسيم إلى شيخ