للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومنا هذا ألا وهي مسألة علو الله عز وجل على خلقه الثابتة بالكتاب والسنة المتواترة المدعم بشاهد الفطرة السليمة, وما كان لمسلم أن ينكر مثلها في الثبوت لولا أن بعض الفرق المنحرفة عن السنة فتحوا على أنفسهم وعلى الناس من بعدهم باب التأويل فلقد كاد الشيطان به لعدوه الإنسان كيداً عظيماً ومنعهم به أن يسلكوا صراطاً مستقيماً كيف لا؟! وهم قد اتفقوا على أن الأصل في الكلام أن يحمل على الحقيقة وأنه لا يجوز الخروج عنها إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة, أو لقرينة عقلية, أو عرفية, أو لفظية, كما هو مفصل في محله, ومع ذلك فإنك تراهم يخالفون هذا الأصل الذي أصلوه لأتفه الأسباب وأبعد الأمور عن منطق الإنسان المؤمن بكلام الله وحديث نبيه حقّاً, فهل يستقيم في الدنيا فهم أو تفاهم إذا قال قائل مثلاً: "جاء الأمير" فيأتي متأول من أمثال أولئك المتأولين فيقول في تفسير هذه الجملة القصيرة: يعني جاء عبد الأمير أو نحو ذلك من التقدير.

فإذا أنكرت عليه ذلك أجابك بأن هذا مجاز فإذا قيل له: المجاز لا يصار إليه إلا عند تعذر الحقيقة وهي ممكنة هنا أو لقرينة ولا قرينة هنا (١) سكت أو جادلك بالباطل.

وقد يقول قائل: وهل يفعل ذلك عاقل؟ قلت: ذلك ما صنعه كل الفرق


(١) قرائن المجاز الموجبة للعدول إليه عن الحقيقة ثلاث:
العقلية كقوله تعالى: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} أي أهلهما. ومنه: {واخفض لهما جناح الذل}.
الثانية: الفوقية مثل {يا هامان ابن لي صرحا} أي مر من يبني لأن مثله مما يعرف أنه لا يبني.
الثالثة: نحو {مثل نوره} فإنها دليل على أن الله غير النور.
قال أهل العلم: وأمارة الدعوة الباطلة تجردها عن أحد هذه القرائن انظر: "إيثار الحق على الخلق" (ص ١٦٦ - ١٦٧) للعلامة المرتضى اليماني. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>