للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأولة الذين ينكرون حقائق الأسماء والصفات الإلهية من المعتزلة وغيرهم ممن تأثر بهم من الخلف, ولا نبعد بك كثيراً بضرب الأمثال وإنما نقتصد مثلين

من القرآن الكريم أحدهما يشبه المثال السابق تماماً, والآخر له صلة بصلب موضوع الكتاب.

[فذكر الإمام المثال الأول ثم قال]:

وأما المثال الآخر فقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (الأعراف:٥٤) وقوله فتأولوه {اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (الرعد:٢). فقد تأول الخلف الاستواء المذكور في هاتين الآيتين ونحوهما بالاستيلاء, وشاع عندهم في تبرير ذلك إيرادهم قول الشاعر:

قد استوى بشر على العراق ... بغير سيف ودم مهراق

متجاهلين اتفاق كلمات أئمة التفسير والحديث واللغة على إبطاله وعلى أن المراد بالاستواء على العرش إنما هو الاستعلاء والارتفاع عليه كما سترى أقوالهم مروية في الكتاب "أي: مختصر العلو" عنهم بالأسانيد الثابتة قرناً بعد قرن, وفيهم من نقل اتفاق العلماء عليه. مثل الإمام إسحاق بن راهويه (الترجمة ٦٧) والحافظ ابن عبد البر (الترجمة ١٥١) وكفى بهما حجة في هذا الباب.

ومع ذلك فإننا لا نزال نرى علماء الخلف - إلا قليلا منهم - سادرين (١)

في مخالفتهم للسلف في تفسيرهم لآية الاستواء وغيرها من آيات الصفات وأحاديثها.


(١) كذا ولعل صوابها: سائرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>