للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يتساءل بعض القراء عن سبب ذلك فأقول:

ليس هو إلا إعراضهم عن اتباع السلف ثم فهمهم - خطأ - الاستعلاء المذكور في الآيات الكريمة أنه الاستعلاء اللائق بالمخلوق, ولما كان هذا منافياً للتنزيه الواجب لله اتفاقاً فروا من هذا الفهم إلى تأويلهم السابق ظنّاً منهم أنهم بذلك نجوا من القول على الله تعالى بما لا يليق به سبحانه.

ولقد كان من كبار هؤلاء العلماء القائلين بالتأويل المذكور برهة من الزمن جماعة من أهل العلم منهم الإمام أبو الحسن الأشعري كما سيأتي بيانه في ترجمته من الكتاب (١٢٠) , ومنهم العلامة الجليل أبو محمد الجويني الشافعي والد إمام الحرمين المتوفى سنة (٤٣٨) ثم هداه الله تعالى إلى اتباع السلف في فهم الاستواء وسائر الصفات, ثم ألف في ذلك رسالة نافعة قدمها نصيحة لإخوانه في الله كما صرح بذلك في مقدمتها وقد وصف فيها وصفاً دقيقاً تحيرَه وترددَه في مرحلة من مراحل حياته العلمية بين أتباع السلف وبين أتباع علماء الكلام في عصره الذين يؤولون الاستواء بالاستيلاء فقال رحمه الله تعالى (ص ١٧٦ - ١٧٧):

" اعلم أنني كنت برهة من الدهر متحيراً في ثلاث مسائل:

١ - مسألة الصفات.

٢ - مسألة الفوقية.

٣ - ومسالة الحرف والصوت في القرآن المجيد.

وكنت متحيراً في الأقوال المختلفة الموجودة في كتب أهل العصر في جميع ذلك من تأويل الصفات وتحريفها, أو إمرارها والوقوف فيها, أو إثباتها بلا تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل. فأجد النصوص في كتاب الله تعالى وسنة رسوله

<<  <  ج: ص:  >  >>