من الخاصة وفيهم بعض كبار علماء الأزهر الذي يوصف فيقال: الأزهر الشريف، إذا وجِّه إليهم هذا السؤال: أين الله؟ لم يجيبوا بجواب الجارية، ما هذه الفارقة بين كبار العلماء في العصر الحاضر لا يجيبون عن سؤال الرسول عليه السلام بينما راعية الغنم تعرف الجواب الصحيح لهذا السؤال الوجيه، أقول: هذا دليل أن المسلمين في العهد الأول كانوا ربوا جميعاً لا فرق بين خاصتهم وعامتهم، كانوا ربوا جميعاً بتربية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما يتعلق على الأقل بالعقيدة التي لا بد لكل مسلم أن يكون فاهماً لها أولاً، ثم مؤمناً بها، هذه جارية كيف عرفت العقيدة الصحيحة؟ الجواب: الجارية لا نتصور أنها كانت تتمكن أن تحضر حلقات العلم التي كان يحضرها كبار أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وخاصتهم، بينما الآخرون ما كانوا يحضرون جلسات الرسول عليه السلام، إذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما بُلّغ حديثاً من أبي هريرة رضي الله عنه ندم فقال: شغلنا الصفق في الأسواق، إذا كان هذا عمر فماذا نقول عن الصحابة الآخرين، وماذا نقول عن النساء، بل ماذا نقول أخيراً عن الجواري وعن راعية الغنم.
أريد من هذه التوطئة كيف فهمت هذه الجارية هذه العقيدة الصحيحة التي إلى الآن لم يفهمها بعض الخاصة من أهل العلم؟ إنها كانت تعيش في جو مُوحِّد في التوحيد الصحيح، لا مثيل له في الدنيا إطلاقاً بسبب وجود الرسول عليه السلام، بسبب وجود النور بين ظهراني أولئك الصحابة من الرجال والنساء من الخاصة والعامة، هذه الجارية تلقت هذه العقيدة من سيدها، فسيدها يسمع العقيدة الصحيحة بل والأحكام الشرعية من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم لا يقتصر على الاحتفاظ بها بل ينقلها إلى من هو يعوله من ينفق عليه مادةً، وينفق عليه أيضاً علماً ومعنى، من هنا نعرف لماذا عرفت الجارية هذه العقيدة الصحيحة؛ لأنها عاشت في ذلك الجو