للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنعود بعد هذه التوطئة وبعد هذه المقدمة الوجيزة إلى الإجابة عن السؤال مباشرة فنقول، بناءً على هذه المقدمة نقول: إن كان الذي يقول: كان الله ولا مكان، إنما يعني تحقيق أن الله عز وجل هو الأول وهو أزلي أبدي لا أول له، وأنه كما جاء في الحديث الصحيح: «كان ولا شيء معه، ثم خلق الله العرش» فقوله عليه السلام في هذا الحديث: كان الله ولا شيء معه، أي: من المخلوقات، ومما لا شك فيه أن المكان إنما وجد بالكون أي: لقوله تبارك وتعالى: {كُنْ فَيَكُونُ} (البقرة:١١٧) كما قال في القرآن الكريم: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس:٨٢).

فإذا كان الله ولا شيء معه ثم قال للعرش: كن فكان، فإذاً: كان الله ولا مكان؛ لأن المكان مشتق من الكون، أما إن كان الذي ينفي هذا المعنى للمكان يعني به: ما يعارض الشرع في توهمه من بعض النصوص الشرعية المقطوع ثبوتها ودلالتها أنه تعني: إثبات المكان لله عز وجل وقد عرفنا أن المكان كان بعد أن لم يكن وأن الله غني عن العالمين لكن عندما جاءت بعض النصوص المقطوع ثبوتها والمقطوع دلالتها وكل هذه الأدلة تدور حول إثبات العلو للعلي الغفار، فحينئذ قد يتوهم بعض الناس أننا إذا قلنا: بما دلت عليه هذه النصوص القاطعة ثبوتاً ودلالة أننا أثبتنا لله المكان، وبناءً على هذا التوهم، أي: بعض الناس يتوهمون من إثبات صفة العلو لله عز وجل على المخلوقات كلها يتوهمون من هذا الإثبات: أن ذلك يستلزم جعل الله عز وجل في مكان.

إذاً: هم يقولون: كان ولا مكان، هنا نقول: النفي باطل، إما بالإثبات السابق صحيح، وشتان بين المعنى الأول: معنى الإثبات ومعنى النفي؛ لأن معنى النفي ينفي دلالات قاطعة، ومعنى الإثبات للمكان يثبت دلالات قاطعة هي: أن الله عز

<<  <  ج: ص:  >  >>