للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل كان ولا شيء معه، فلما خلق الخلق وُجد المكان، ولكن الله عز وجل غني عن المكان، وغني عن الزمان، ولا يلزم مطلقاً أن يكون الله عز وجل في مكان حينما يثبت أهل السنة جميعهم لله عز وجل صفة العلو التي نشهد بها في كل سجود نسجده فنقول فيه: سبحان ربي الأعلى.

إذاً: ثبت بهذا البيان وبهذا الجواب عن ذاك السؤال، أنه لا يجوز نفي أو إثبات معنىً للفظ لم يرد عن الله ورسوله وإنما هو اصطلاح بين الناس، ففي هذه الحالة ننظر إلى مقصد المتكلم فإن كان مقصده يوافق الشريعة، قلنا: لله مكان بهذا المعنى، وإن كان يعني ما يخالف الشريعة قلنا: لا، ليس لله مكان بهذا المعنى.

كذلك يقال: بالنسبة للجهة التي قد تنسب أو قد تنفى، تنسب لله أو قد تنفى عنه، كذلك نقول نفس الكلام، نقول للذي يقول: إن الله ليس في جهة: ماذا تعني بهذا النفي؟ أتعني معارضة قول الله تبارك وتعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:٥) .. {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (المعارج:٤) .. {أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ} (الملك:١٦) .. «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» والنصوص قاطعة في هذا أيضاً.

إن كان الجواب: نعم، أنا أعني نفي هذه الدلالات التي دلت عليها هذه النصوص، نقول له: أنت مبطل حينما تنفي الجهة بالمعنى الذي أثبته الشرع في الآيات أو في الأحاديث، وإن كان يعني بذلك حينما يقول قائل ما: إن لله جهة أنه يعني: أن الله ليس في كل مكان مخلوق كما يقول القائلون بوحدة الوجود من غلاة الصوفية والمعتزلة وأمثالهم يقولون: الله موجود في كل مكان، هذا كلام حينئذ باطل؛ لأن الله عز وجل أفهمنا بنصوص قاطعة من أدلة الكتاب والسنة أن له صفة

<<  <  ج: ص:  >  >>