للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك ويتسترون وراء تفسيرهم للكلام الإلهي بأنه نفسي قديم غير مسموع من أحد من الملائكة والمرسلين, وأنه تعالى لا يتكلم إذا شاء, وأنه متكلم منذ الأزل, وقد رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بحثاً هامّاً في إبطال تفسيرهم هذا فقال بعد أن أثبت قدم الكلام:

والكلام صفة كمال فان من يتكلم أكمل ممن لا يتكلم, كما أن من يعلم ويقدر, أكمل ممن لا يعلم ولا يقدر والذي يتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن لا يتكلم بمشيئته وقدرته, وأكمل ممن يتكلم بغير مشيئته وقدرته إن كان ذلك معقولاً, ويمكن تقريرها على أصول السلف بأن يقال: إما أن يكون قادراً على الكلام أو غير قادر؛ فإن لم يكن قادراً فهو الأخرس, وإن كان قادراً ولم يتكلم

فهو الساكت.

وأما الكُلَّابية (متبوع الأشاعرة في هذه المسألة) فالكلام عندهم ليس بمقدور فلا يمكنهم أن يحتجوا بهذه, فيقال: هذه قد دلت على قدم الكلام لكن مدلولها قدم كلام معين بغير قدرته ومشيئته؟ أم مدلولها أنه لم يزل متكلما بمشيئته وقدرته؟

والأول: قول الكلابية

والثاني: قول السلف والأئمة وأهل الحديث والسنة, فيقال: مدلولها الثاني لا الأول؛ لأن إثبات كلام يقوم بذات المتكلم بدون مشيئته وقدرته غير معقول ولا معلوم والحكم على الشيء فرع عن تصوره.

فيقال للمحتج بها: لا أنت ولا أحد من العقلاء يتصور كلاماً يقوم بذات المتكلم بدون مشيئته وقدرته فكيف تثبت بالدليل المعقول شيئاً لا يعقل وأيضاً فقولك:

<<  <  ج: ص:  >  >>