وهو كان من أولئك النصارى قال: يا رسول الله ما اتخذناهم أرباباً من دون الله! تبادر إلى ذهن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- إلى أن مقصود الآية: يعني اعتقدوا في أحبارهم أنهم يخلقون ويرزقون ويميتون ويحيون وو الخ، قال:«ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه، وإذا حللوا لكم حراماً حللتموه؟» قال: أما هذا فقد كان، قال:«فذاك اتخاذكم إياهم أرباباً من دون الله».
فالمقصود: المسلمون حتى اليوم والحمد لله لا يزالون يوجد فيهم من يحافظ على التوحيد بكامله؛ لأن التوحيد الذي يستنبط من كتاب الله ومن حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يختلف تماماً عن التوحيد الموجود عند النصارى وعند اليهود، بل وأرجو أن لا يقع ثقيلاً على مسامعك: وحتى بعض المسلمين، التوحيد الذي جاء في القرآن وفي السنة يجهله كثير من المسلمين، فضلاً عن أهل الأديان الأخرى؛ ذلك لأن التوحيد الذي دعت إليه الرسل كلهم دون استثناء أحد منهم هو يعني توحيد الله -عز وجل- في ذاته، أي: لا ند له لا خالق معه، لا رازق معه، وهذا أمر يشترك فيه حتى المشركون، المشركون الذين بعث إليهم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا يعتقدون أن الخالق هو واحد لا ند له في خالقيته، ولكنهم مع ذلك وصفوا في عديد من الآيات بأنهم مشركون، وأن الله قال لهم:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(البقرة:٢٢) فما هي الأنداد التي جعلوها لله -عز وجل-، وأنكرها الله عليهم؟ مع أنهم كانوا يقولون بصريح القرآن الكريم:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(لقمان:٢٥)؛ إذاً خلق السموات والأرض، هم يعتقدون أنه واحد لا شريك، فإذاً أين شركهم، ما دام أنهم يوحِّدون الله في ذاته، هنا يكمن جهل كل الأديان التي أشرنا إليها آنفاً، وبعض الجهلة من المسلمين، حيث يفهمون معنى: لا إله إلا الله، حتى رأيت بعض الرسائل لبعض المشايخ