للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسرها (لا إله إلا الله) أي: لا رب إلا الله، وهذا تفسير خاطئ جداً جداً، بحيث يترتب منه أن مشركاً يهودياً كان أو نصرانياً قال: لا رب إلا الله، لا يدخل في الإسلام؛ لأنه لا رب إلا الله كان المشركون كما سمعت آنفاً من القرآن يقولون: الخالق هو رب العالمين هو واحد، إذاً لماذا بعث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى هؤلاء المشركين أن يدعوهم إلى أن يعتقدوا أن خالق السموات والأرض هو الله وحده لا شريك له، لا، هذا اسمه تحصيل حاصل، تفهم مني تحصيل حاصل؟

يعني شيء كان موجوداً في قرارة نفوس المشركين هؤلاء، لكن هو دعاهم إلى شيء كانوا أحوج ما يكونون إليه، كالأرض العطشى إلى ماء السماء.

قال الله -عز وجل- في القرآن الكريم، هذه الآية الجواب لتساؤلي السابق: لماذا أرسل الله محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى هؤلاء المشركين ما دام أنهم كانوا يعترفون بأن الخالق هو واحد لا شريك له، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر:٣)، هنا في شيء يسمى عند العلماء بـ «طي من الكلام»، وهذا من إعجاز القرآن: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} (الزمر:٣)، وين الطي وين الاختصار؛ إذا قيل لهم: لماذا اتخذتم هؤلاء أولياء من دون الله؟ قال: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر:٣)، فهم اعترفوا بشيئين: الشيء الأول: أنهم يعبدونهم من دون الله. وأنهم إنما يعبدونهم ليوصلوهم إلى الله، فإذاً رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسل إليهم ليخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له، لم يدعهم إلى الاعتقاد بأن الخالق واحد؛ لأنه هذا كما قلنا تحصيل حاصل، لكن مع اعترافهم أن الخالق المحيي المميت هو واحد لا ند له ولا شريك له كانوا يعبدون معه غيره كما في هذه الآية وآيات كثيرة وكثيرة جداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>