العالم، ونأخذ مثالاً قريبًا حينما كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في المسجد الحرام في أول الدعوة التي لقي فيها ما لقي من المصاعب والشدة، هل كان الكفار الذين هم ليسوا في المسجد الحرام كانوا يسمعون كلامه كما يسمعه من كان بين يديه من الكفار؟ الجواب: لا، هذه بدهية يشترك في معرفتها كل الناس، لا يشترط أن يكون طالب علم، وهكذا إذا كان أهل مكة حينما كان الرسول يبلغهم أحكام الله وشريعة الله بتلاوته لآيات الله إنما يسمعها بعضهم فالآخرون كيف بلغتهم شريعة الله، لم تبلغهم بسماعهم كلام الرسول مباشرة وهذا أمر واقع في كل زمان ومكان، الآن في هذا المجلس قد يسمع أحد منكم حكماً أو بحثاً كهذا البحث فينقله لمن لم يكن حاضراً هذا المجلس، فالذي سمعه من المدرس سمعه منه مباشرة، لكن هذا المدرس بلغه الآخرين، الآخرون لم يسمعوا من المدرس، هذا تقريب وللرسول المثل الأكمل فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما كان يبلغ الآية أو يقرأ الحديث يسمعه الحاضرون أما الآخرون فيسمعونه بواسطة مَنْ؟ الذي سمعه من الرسول عليه السلام، هذه نقطة ثانية وبدهية جداً ما تقبل المناقشة والجدل.
ندعم ذلك ببعض الروايات المعروفة أيضاً في التاريخ الإسلامي والتي أستطيع أن أقول لا يجهلها أحد أيضاً من المسلمين، أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسل الرسل من طرفه إلى رؤوس الدول ملوك الدول ككسرى وقيصر والملك النجاشي وهكذا، وأرسل دعاة إلى اليمن علياً وأبا موسى ومعاذاً، فهؤلاء الرسل الذين أرسلهم الرسول عليه السلام لنقل الدعوة التي سمعوها منه - صلى الله عليه وآله وسلم - من فمه الشريف ينقلون ما سمعوه منه إلى أولئك الناس، فأولئك الناس لم يأتهم الشرع من النبي المعصوم، لكن جاءهم الشرع من الفرد من الشخص.
والآن ندخل في صميم بيان ضلال التفريق بين خبر الآحاد وخبر التواتر، من