للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفيد أن نذكر قصة وقعت في اليمن تتعلق بأبي موسى ومعاذ، كان معاذ يدعو كما ذكرنا إلى الإسلام وكذلك صاحبه أبي موسى الأشعري، فجاء معاذ أبا موسى زائراً فوجد عنده رجلاً مولَّدًا أسيرًا، قال: ما بال هذا قالوا إنه ارتد عن دينه، ومضى عليه كذا أيام وهو لا يتوب إلى الله عز وجل، وكان راكباً، فقال: والله لا أنزل حتى ينفذ فيه حكم الله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «من بدل دينه فاقتلوه» فنفذ فيه القتل، الآن هذا حديث «من بدل دينه فاقتلوه» (١) سمعه معاذ من رسول الله، نقله إلى أبي موسى والجماعة الذين كانوا عنده ونفذوه فوراً، هذا خبر آحاد، هل قامت الحجة بخبر الآحاد؟ قامت الحجة.

الآن نأتي إلى الفلسفة المشار إليها آنفاً هذا حكم شرعي، يقول المتفلسفون المبتدعون أنه نحن نقول بأن حديث الآحاد في الأحكام حجة، أما في العقيدة فليس بحجة، الآن أبو موسى ومعاذ وعلي وسائر الرسل الذي أرسلوا من قبل رسولنا صلوات الله وسلامه عليه، هل تتصورون أنهم حينما يأتون قبيلة من القبائل أو ملكاً من الملوك أول ما يدعونه إليه الصلاة والطهارة والوضوء وإلى آخره ولاَّ العقائد؟ العقائد لا شك وهذا ما جاء التصريح به في حديث معاذ ابن جبل لما أرسله الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى اليمن، قال له: «ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك فأمرهم بالصلاة» وهكذا تسلسل عليه السلام في بيان الأحكام، وفي أمر معاذ أن يتسلسل في ذلك أمره أن يبدأ بماذا بالعقيدة، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هنا تأتي الدالة الكبرى، إذاً معاذ هو فرد ودعا أولئك الناس الذين لا يعرفون من الإسلام شيئاً دعاهم إلى


(١) صحيح البخاري (رقم٢٨٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>