الصحيح، بينما توهم الرجل أنه برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه، وليس الأمر كذلك لو سلمنا برده، فكيف وهو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح، وبحديث يعلى المتقدم وبهما تفسر الآية، ويبطل تفسيره إياها بالمجاز. ومن جهل الرجل وتناقضه أنه بعد أن فسر الآية بالمجاز الذي يعني أنه لا (مس) حقيقة، عاد ليقول (ص ٩٣): " واللغة أجمعت على أن المس: الجنون ". ولكنه فسره على هواه فقال: أي من الخارج لا من الداخل، قال:" ألا ترى مثلا إلى الكهرباء وكيف تصعق المماس لها من الخارج ... " إلخ هرائه. فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياساً على أمور مشاهدة مادية، وهذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه، ومع ذلك فقد تعامى عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة (كوخ) في مرحلته الثالثة! فلا مانع عقلا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان، وتعمل عملها وأذاها فيه من الداخل، كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو آخر، وقد ثبت كل من الأمرين في الحديث فآمنا به، ولم نضربه كما فعل المعتزلة وأمثالهم من أهل الأهواء، وهذا المؤلف (الأثري) - زعم - منهم.
كيف لا وقد تعامى عن حديث الترجمة، فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخرى التي خرجها وساق ألفاظها من (ص ١١١) إلى (ص١٢٦) - وهو صحيح جدا - كما رأيت، وهو إلى ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه - صلى الله عليه وآله وسلم - للشيطان - من ذاك المجنون -، وهي معجزة عظيمة من معجزاته - صلى الله عليه وآله وسلم -، بل نصب خلافاً بين رواية " اخرج عدو الله " ورواية " اخسأ عدو الله "، فقد أورد على نفسه (ص ١٢٤) قول بعضهم: " إن الإمام الألباني قد صحح الحديث "، فعقب بقوله:" فهذا كذب مفترى، انظر إلى ما قاله الشيخ الألباني لتعلم الكذب: المجلد الأول من سلسلته الصحيحة ص ٧٩٥ ح ٤٨٥ ". ثم ساق كلامي فيه، ونص ما في آخره كما تقدم: " وبالجملة