للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحديث بهذه المتابعات جيد. والله أعلم ". قلت: فتكذيبه المذكور غير وارد إذن، ولعل العكس هو الصواب! وقد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل (ص ٢٢)، واغتر به البعض! نعم، لقد شكك في دلالة الحديث على الدخول بإشارته إلى الخلاف الواقع في الروايات، وقد ذكرت لفظين منها آنفا. ولكن ليس يخفى على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض، وإنما علينا أن نأخذ منها ما اتفق عليه الأكثر، وإن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول: " اخرج " أصح من الآخر " اخسأ "، لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التي ساقها، واللفظ الآخر جاء في روايتين منها فقط! على أني لا أرى بينهما خلافاً كبيراً في المعنى، فكلاهما يخاطب بهما شخص، أحدهما صريح في أن المخاطب داخل المجنون، والآخر يدل عليه ضمنا. وإن مما يؤكد أن الأول هو الأصح صراحة حديث الترجمة الذي سيكون القاضي بإذن الله على كتاب " الاستحالة " المزعومة، مع ما تقدم من البيان أنها مجرد دعوى في أمر غيبي مخالفة للمنهج الذي سبق ذكره. ولابد لي قبل ختم الكلام على هذا الموضوع أن أقدم إلى القراء الكرام ولو مثالاً واحد على الجهل بالسنة الذي وصفت به الرجل فيما تقدم، ولو أنه فيما سلف كفاية للدلالة على ذلك! لقد ذكر الحديث المشهور في النهي عن اتباع سنن الكفار بلفظ لا أصل له رواية ولا دراية، فقال (ص ٢٧): " وصدق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذ يقول: " لتتبعن من قبلكم من الأمم حذاء القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم. قالوا: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: فمن؟ ". أو كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم - "! ومجال نقده في سياقه للحديث هكذا واسع جداً، وإنما أردت نقده في حرف واحد منه أفسد به معنى الحديث بقوله (حذاء)، فإن هذا تحريف قبيح للحديث لا يخفى على أقل الناس ثقافة، والصواب (حذو). وليس هو خطأ مطبعيًّا كما قد يتبادر لأذهان البعض،

<<  <  ج: ص:  >  >>