يثق الأستاذ بهذا التاريخ هذه الثقة البالغة إلى درجة أنه يعارض به تاريخ المسلمين، وهو يعلم أن تاريخهم - مهما كان، في بعض حوادثه نظر من الوجهة الحديثية خاصة - أصح وأنقى بكثير من تاريخ الكنيسة الذي تعجز الكنيسة نفسها عن إثبات صحة كتابها المقدس الذي هو أصل دينها، فكيف تستطيع أن تثبت تاريخها الذي هو بحق "أمشاج من الروايات التي لا سند لها " كما قاله الأستاذ نفسه لكن في تاريخ المسلمين لا تاريخ الكنيسة!!
الرابع: إنني رجعت إلى دائرة المعارف الإسلامية تأليف جماعة من المستشرقين، وإلى دائرة المعارف للبستاني، وإلى "المنجد"، فلم أجدهم ذكروا ما عزاه الأستاذ المصري إلى تاريخ الكنيسة، بل ظاهر كلامهم أنهم لا يعرفون عنه شيئاً مما يتعلق بتاريخ حياته في أرض العرب، إلا مما جاء في مصادرنا الإسلامية، وخاصة ما يتعلق منه بقصة اتصاله بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حسبما تقدم تخريجه، وإن كانوا يعتبرونها "من الأساطير التي أحاطت بسيرة النبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - " حسبما تقدم تخريجه، كفراً منهم واستكباراً أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مبشراً به في الكتب السماوية السابقة، ومعروفاً عند المؤمنين بها، ولذلك علق الأستاذ الفاضل المحقق أحمد محمد شاكر على هذه الكلمة الواردة في "دائرة المعارف الإسلامية " بقوله:
"ليست هذه القصص بالأساطير، بل كثير منها ثابت بأسانيد صحيحة، وعلم أهل الكتاب بالبشارة بمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في كتبهم ثابت عند المسلمين بنص القرآن الصريح، وليسوا في حاجة إلى افتعال أساطير يؤيدون بها ما أثبته الوحي المنزل من عند الله، وهو ثابت أيضاً عند المسلمين فيما قرءوه من كتب أهل الكتاب مما بقى في أيديهم من الصحيح من أقوال أنبيائهم المنقولة في كتبهم ".