للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: لنفترض أن ما عزاه الأستاذ إلى تاريخ الكنيسة صحيح ثابت، وهو أن بحيرا الراهب كان في القرن الرابع من الميلاد، فذلك لا ينفي أن يأتي شخص آخر على شاكلته في الترهب سمي باسمه منذ ولادته على عادة النصارى وغيرهم من التسمي بأسماء الصالحين عندهم، أو لقب به بعد، لظهور شبه فيه به، هذا كله جائز ليس في العقل السليم ما ينفيه، وإذا الأمر كذلك، فبإمكان الأستاذ أن يعتقد وجود شخصين في زمنين متباينين باسم واحد (بحيرا) وبذلك يستطيع أن يوفق بين ثقته بالتاريخ الكنسي، وثقته بالتاريخ الإسلامي ولا يقع في هذه المغالطة التي كتبها بقلمه: "فكيف التقى الزمان القرن الرابع والقرن السادس، والتقى المكانان ... "!!

تلك وجوه خمسة في الجواب عن الشبهة الثانية أقواها عندنا الوجه الأول، وسائرها إنما هي بالنظر لترجيح التاريخ الإسلامي على التاريخ الكنسي، ولا حاجة بنا إليها بعد الوجه الأول، وإنما ذكرتها لبيان ما يرد على الأستاذ مما قد يكون غافلاً عنه.

الشبهة الثالثة: قول الأستاذ ما خلاصته: "إن الغرض من ذكر خرافة بحيرا الراهب، إنما هو كرد على المبشرين والمستشرقين الذين يدعون بأن هذا الدين الإسلامي من بحيرا الراهب، وكان يتردد على مكة يُعَلِّم محمداً تعاليمه".

وأقول: لا شك أن الأستاذ المصري يشكر على قصده المذكور ولكن خفي عليه أن الرد على المبشرين لا يكون برد الحقائق التاريخية، وإنكار ثبوتها، بحجة أن الكفار يستغلونها للطعن في الإسلام أو في نبيه عليه الصلاة والسلام، بل المنهج العلمي الصحيح يوحي بالاعتراف بالحادثة الثابتة، ثم الجواب عن استغلال المبشرين لها جواباً علمياً صحيحاً، ومن المؤسف جداً أن هذه الطريقة

<<  <  ج: ص:  >  >>