على رد الحادثة في سبيل رد هذا الزعم الباطل، وهذا مع الأسف قد حصلوا عليه من بعضهم.
ومن الغرائب حقاً أن هذا الزعم الذي هو موضوع الردّ مع أنه باطل في نفسه ولا صلة له بالحادثة مطلقاً، لأن التقاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مرة واحدة وفي ساعة أو ساعات محدودة مع الراهب في الشام شيء، وتردد الراهب إلى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وفي مكة شيء آخر، وهذا التردّدُ لو وَرَدَ شيءٌ، والالتقاء شيءٌ أخرُ، ومع أن هذا الزعم لم يَخْفَ بطلانُهُ على الأستاذ المصري كما صرح به في بحثه مع ذلك كله فإنه رد الحادثة وحكم ببطلانها! وهذا تناقض عجيب، فإنه إذا كان الأستاذ جازماً ببطلان الزعم المذكور، فلماذا رد الحادثة بعلة الرد على المبشرين الأفاكين، مع أن الرد حصل عليهم كما رأيت بدون رد الحادثة، بل ألا يكفي في الرد عليهم قول الله عز وجل في الرد على سلفهم من أمثالهم من المشركين الأفاكين الذين ادعوا مثل هذا الزعم في حياته؟! فقال تعالى:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ، إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ}.
ما وراء إنكار الحادثة:
إنَّ أخشى ما أخشاه أن يكون الأستاذ المصري من أولئك الذين لا يصدقون بمعجزات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - غير القرآن طبعاً - هذه المعجزات التي تجاوزت المئات، وثبت قسم كبير منها بالطرق المتواترات التي لا يسع العالم بها أن ينكرها، والذي يحملني على إبداء هذه الخشية أن الأستاذ نقل فصلاً من كلام الدكتور هيكل جاء فيه: " ولقد كان - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يرضى أن تنسب إليه معجزة غير القرآن ويصارح أصحابه