الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم ". أخرجه مسلم (٥/ ٧٣) والنسائي (٢/ ١٢٩) وابن ماجه (٢/ ١٦٠) والبيهقي (٦/ ٢٧٨) وأحمد (٢/ ٣٧١).
الرابع: عن عبد الله بن عمرو: «أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، وأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية، قال: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فأتى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: يا رسول الله إن أبي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، وإن هشاماً أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون، أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنه لو كان مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك، (وفي رواية): فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك». أخرجه أبو داود في آخر"الوصايا"(٢/ ١٥) والبيهقي (٦/ ٢٧٩) والسياق له، وأحمد (رقم ٦٧٠٤) والرواية الأخرى له، وإسنادهم حسن.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(٤/ ٧٩): "وأحاديث الباب تدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما، ويصل إليهما ثوابها، فيخصص بهذه الأحاديث عموم قوله تعالى {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}. ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أن ولد الإنسان من سعيه فلا حاجة إلى دعوى التخصيص، وأما من غير الولد فالظاهر من العموميات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الميت، فيوقف عليها، حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها".