ثم لا يكتفي ذاك (الفهيم) بترجيحه لذلك التأويل الباطل؛ بل إنه يجزم به بعد عدة صفحات؛ فيقول (ص١١٨):
"اختلاف ما روي من الأحاديث في مكان ظهور الدجال ... يشير إلى أن المقصود بالدجال الرمز إلى الشر واستعلائه ... "!
وهذا هو الذي جزم به في تصديره للكتاب؛ فقال (ص٦):
"ثم سرنا مع القائلين بأن ظهور المهدي ونزول عيسى عليهما السلام هما رمزان لانتصار الخير على الشر، وأن الدجال رمز لاستشراء الفتنة، واستيلاء الضلال فترة من الزمان ... "!
قلت: وهذا " الفهيم" هو رئيس بعثة الأزهر الشريف بـ (لبنان)؛ كما طبع ذلك تحت اسمه على طُرّة الكتاب.
ولقد أساء جدًّا في تعليقاته على الكتاب المذكور إلى مؤلِّفه وكتابه من جهة؛ وإلى الحديث النبوي من جهة أخرى؛ مما يدل على جهله البالغ به! فإنه قطع بتضعيف أحاديثَ صحيحة؛ لعدم اتِّساع قلبه لها! ولم يسبقه إلى ذلك أحد من أهل - العلم - كحديث الجساسة؛ انظر (ص٦ و٩٦ و١٠١)، وقد رواه مسلم، وحديث المهدي (ص٣٧) - غير مبال بتصحيح المؤلف ابن كثير لبعضها (ص٤٢ و٤٣)؛ بل جزم بوضع حديث آخر رواه مسلم في "صحيحه" (ص ٥٨ - ٥٩)! أما إساءته إلى الكتاب والمؤلف؛ فهي أنه وضع في صلب الكتاب عناوين من عنده دون أن ينبّه على ذلك، وبعضها على خلاف طريقة المؤلف؛ باعتباره من أئمة الحديث الذين يؤمنون بالنصوص المتعلقة بأشراط الساعة دون تأويل لها؛ كما يفعل المبتدعة من المعتزلة وغيرهم، وهذا "الفهيم" قد أبان في تعليقاته