للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا هو بعينة ما فعله هذا الأزهري (الفهيم) وبعض شيوخه - تبعاً لسلفهم من الخوارج والمعتزلة؛ وأخيراً القاديانية كما سبق - تارة بطريق التشكيك في صحة الأحاديث بزعم أنها آحاد - كما فعل الشيخ (محمود شلتوت) في بعض مقالاته؛ تبعاً للشيخ (محمد عبده) كما سبق -وتارة بطريق التأويل والتعطيل كما فعل هذا (الفهيم)! وهو وإن كان اقتصر في كلامه السابق على حكاية الرأيين - بزعمه- دون أن يحدد موقفه بوضوح منها؛ فإنه إنما فعل ذلك تمويهاً وتدليساً على القراء، وإعداداً لنفوسِهم لِتَقََبُّلِ ما سيرجحه هو فيما بعد! فاسمع إليه وهو يقول في تعليقه على الفقرة الآتية (١٢ - أبو أمامة، ١٤ - السياق): (١) "يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ":

"اختلف العلماء في الكتابة هنا: هل هي حقيقة؛ أم أنها كناية عن الأمارات الدالة على صاحبها؟ وأن القراءة معناها أن تلهم النفس المؤمنة بإشراقها ما يبصرها الحقيقة دون امتراء ... ولعل هذا التأويل هو الأقرب وهو الأسلم"! (٢).

هكذا قال هذا "الفهيم" متجاهلاً نص الإمام النووي وغيره على خلاف ترجيحه؛ قال الحافظ في"الفتح" (١٣/ ٨٥):

"قال النووي: الصحيح الذي عليه المُحقِّقون أن الكتابة المذكورة حقيقة، جعلها الله علامة قاطعة بكذب الدجال، فيظهر الله المؤمن عليها، ويخفيها على من أراد شقاوته".

قال الحافظ: "وحكي عياض خلافاً، وأن بعضهم قال: هي مجاز عن سمة


(١) هذا عزو لموضع هذه الفقرة من كتاب " قصة المسيح الدجال"، وسيأتي مثله.
(٢) وذكر نحو هذا (ص١٤٨). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>