للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا جِثِيًّا} (مريم:٧٢) ما هي الفائدة؟ الفائدة: أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا سمع قولًا وما أنكره كان ذلك دليلًا على صحته في نفسه، ولكن يمكن أن يدخل فيه تخصيصًا وتقييدًا ما يخطر على بال المتكلم تلك الكلمة والتي أقره الرسول عليه السلام عليها ولكنه يدخل فيها تقييدًا أو تخصيصًا، هذه فائدة مهمة جدًا قد يغفل عنها بعض أهل العلم، ولا بأس من أن أضرب لكم مثلًا:

وقع في عدم الانتباه لهذه النكتة الفقهية الدقيقة الإمام أبو محمد بن حزم صاحب كتاب: "المحلى"، الكتاب العظيم، وكتاب: "الإحكام في أصول الأحكام" وغيره من الكتب، لقد ألف رسالة في إباحة الملاهي عامة، من الآلات الموسيقية والأغاني وما شابه ذلك، وكان مما استدل به على ما ذهب إليه في تلك الرسالة الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علي يوم عيد وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، وتضربان عليه بدف، لما دخل أبو بكر قال: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟! استفهام استنكاري طبعًا، دعهما فإن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا.

الشاهد: أن الإمام ابن حزم احتج بهذا الحديث على جواز الضرب بالدف والغناء به؛ لأن الرسول عليه السلام أقر الجاريتين، لكن فاته ما أردت التنبيه عليه: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أقر أبا بكر الصديق على قوله السابق الذكر: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟! لقد سمى أبو بكر الضرب على الدف والغناء به سماه ماذا؟ مزمار الشيطان، ما أنكر الرسول عليه السلام ذلك عليه بل أقره كما أقر حفصة على قولها في الآية هكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>