الصدد إلا فيما يتعلق بلفت النظر إلى أن الرسول عليه السلام إذا أقر على شيء فهو حق، ويجب الاستفادة بذلك.
وهنا نذكر غزوة بدر وحينما أهلك الله عز وجل صناديد قريش وألقوا في قليب بدر، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد أن وضعت الحرب أوزارها فوقف على القليب ونادى أولئك الكفار الموتى القتلى بأسمائهم: يا فلان بن فلان لقد وجدت ما وعدني ربي حقًا، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ قال عمر - هنا الشاهد - قال: يا رسول الله! إنك لتنادي أجسادًا لا أرواح فيها، ماذا نفهم نحن من قول عمر هنا؟ نفهم نحو ما فهمنا من كلمة أبي بكر هناك، ومن كلمة حفصة هناك، نفهم أن عمر بن الخطاب يرى أن الموتى لا يسمعون، ولذلك هو يستغرب ويتعجب لمناداة الرسول عليه السلام لهؤلاء الموتى يقول: يا فلان بن فلان .. إلى آخره بأسمائهم: إني وجدت ما وعدني ربي حقًا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ هذه المناداة تنافي كما أنا أفهم - وهو حق إن شاء الله - ما كان تلقاه عمر بن الخطاب تعليمًا من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن الموتى لا يسمعون، يكفي في ذلك القرآن الكريم:{إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}(النمل:٨٠) كذلك قوله عز وجل: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ في الْقُبُورِ}(فاطر:٢٢) طبعًا الآيتان فيهما كلام من حيث التفسير، لكن خلاصة الكلام فيهما لا يتنافى أبدًا مع هذه الحقيقة الشرعية، وهي: أن الموتى لا يسمعون، هذه الحقيقة هي التي كان عمر بن الخطاب تلقاها من قبل وتعلمها من رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولذلك أصبح عنده إشكال: كيف هو لقننا هذا العلم ثم هو يناديهم؟! فماذا كان موقف الرسول عليه السلام؟ كان موقفه منهم كما كان موقفه من أبي بكر ومن حفصة، أقرهم جميعًا على ما قالوا، لكن أدخل على كلامه قيدًا لا يعرفونه؛ لأنهم لا يوحى إليهم كما يوحى إليه، فلقد أقر الرسول عليه السلام عمر بن الخطاب على كلمته هذه، ومعنى هذا: أنه يقول له: صدقت