فالموتى لا يسمعون، لكن هؤلاء يسمعونني، ولذلك قال له في الجواب بلسان عربي مبين:«ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» أي: هؤلاء يسمعونني فأنت يا عمر الذي تلقيته مني حق وصواب، لكن اعلم أن هنا معجزة وكرامة خاصة لنبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - حيث أسمعهم صوته، ومن شأنهم أنهم لا يسمعون لم؟ لأنهم موتى.
ويؤكد هذا المعنى أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذه القصة بإسناده الصحيح في المسند أن عمر قال: والموتى لا يسمعون، أيضًا جاء الجواب كما سمعتم: ما قال له: لا، أنت مخطئ الموتى يسمعون لو كان هو مخطئًا، لكنه أقره على هذه العبارة الصريحة، ولكن أدخل في ذلك قيدًا، وهو: الموتى لا يسمعون إلا هؤلاء.
ولذلك جاء في صحيح البخاري في هذه القصة من طريق قتادة عن أنس بن مالك، هذه القصة التي رويناها باستثناء رواية الإمام أحمد مروية في الصحيحين، ومن طريق قتادة، قال قتادة: أحياهم الله له فأسمعه صوته تبكيتًا تحقيرًا ونكايةً منه.
إذًا: هذا الانتباه لإقرار الرسول عليه السلام لكلام الصحابي هذا معناه: أن كلام الصحابي حق لكن ينظر هل أدخل عليه الرسول عليه السلام شيئًا من التخصيص أو التقييد فيضاف إليه فنخرج بنتيجة سليمة بالمائة مائة، فالموتى لا يسمعون إلا هؤلاء سمعوا، وآلات الطرب لا تجوز بخاصة الدف إلا في يوم العيد، والناس كلهم لا بد أن يدخلوا النار كما فهمت حفصة من الآية ولكن يختلفون من صالح يمر مرورًا إلى الترنزيت كما يقولون اليوم إلى الجنة، أما الكفار فيلبثون فيها أحقابًا، نعم.