للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي. . . أسأل الله أن يتوب عليهم وأنتم تعلمون هذا من خلقي. . . ". انظر " مجموع الفتاوى " (٢٨/ ٥٥ - ٥٦).

وساعده على ذلك ظواهر بعض الآيات والأحاديث التي لم يمعن النظر فيها فلم يتبين له خطأ استدلاله بها، حتى استقر ذلك القول في نفسه، وأخذ بمجامع لبه، فصار يدافع عنه ويحتج له بكل دليل يتوهمه ويتكلف في الرد على الأدلة المخالفة له تكلفاً ظاهراً خلاف المعروف عنه، وتبعه في ذلك بل وزاد عليه تلميذه وماشطة كتبه - كما يقو ل البعض - ابن قيم الجوزية.

حتى ليبدو للباحث المتجرد المنصف أنهما قد سقطا فيما ينكرانه على أهل البدع والأهواء من الغلو في التأويل والابتعاد بالنصوص عن دلالتها الصريحة، وحملها على ما يؤيد ويتفق مع أهوائهم، كما سترى ذلك مفصلا في " الرسالة " هذه (ص ١١٦ - ١٢٢)، حتى بلغ الأمر بهما إلى تحكيم العقل فيما لا مجال له فيه كما يفعل المعتزلة تماماً، وقد تعلمنا من ابن تيمية وابن القيم - جزاهما الله خيراً - الرد عليهم في مثله؛ فزعما أن عذاب النار سبب لإزالة آثار الخبث والنجاسة من الكفار فإذا تطهروا منها عادوا إلى فطرتهم الأولى فيزول العذاب ويبقى مقتضى الرحمة. كما سيأتي (ص ١٢٢) نقلاً عن ابن القيم ومضى نحوه من كلام ابن تيمية. فتأمل معي في ذلك تجده كلاماً خطابياًّ خيالياًّ لا حقيقة تحته، فإنه يفترض ذهاب تلك الخبائث وتلاشيها، وزوال العذاب عن الكفار وهم في الدار الآخرة حيث لا تكليف فيها، فإن من المعلوم يقيناً أننا لو تخيلنا كافراً تاب إلى ربه وأناب إليه حينما رأى العذاب بأم عينيه أنه لا يفيده ذلك شيئاً بالإجماع، فكيف ينفعه شيء وهو لم يتب وهو في العذاب محترق؟ تالله إنها لإحدى الكبر أن يخفى مثل هذا على أحد من المسلمين، فكيف بشيخ الإسلام وتلميذه ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>