القيم الهمام ونحن دائماً نغترف من بحر علومهما ونستضيء بنور أدلتهما في إزالة الشكوك والأوهام، في كثير مما اختلف فيه الناس قديماً وحديثاً، وعلى سبيل المثال المناسب للحال أذكر هنا ملخصاً فتوى لابن تيمية جاءت في " مجموع الفتاوى "(٤/ ٣٢٤): "سئل الشيخ رحمه الله تعالى: هل صح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن الله تعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك؟ "
فأجاب:"لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث، بل أهل الحديث متفقون على أن ذلك كذب مختلق، وإن كان قد روي بإسناد فيه مجاهيل، وأمثال هذه المواضع فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذباً، كما نص عليه أهل العلم، فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله؛ فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة من وجهين:
١ - من جهة إحياء الموتى:
٢ - ومن جهة الإيمان بعد الموت، ثم هذا خلاف الكتاب والسنة الصحيحة والإجماع قال الله تعالى:{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما. وليس التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار}(النساء:١٧ ١٨). فبين الله تعالى أنه لا توبة لمن مات كافراً. وقال تعالى:{فلم يك ينفعهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون}(غافر:٨٥) فأخبر أن سنته في عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس فكيف بعد الموت؟ "
قلت: فمن يفتي بهذا كيف يعقل أن يقول بنقيضه، لولا الذهول الذي نوهت