عنه، بل إنه زاد على ذلك فقال ابن تيمية فيما تقدم من رسالته (ص ١٣):
"ولو قدر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة "! ويا سبحان الله أين هو من مثل قوله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}(الأعراف:١٥٦) وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن لله مائة رحمة، سأنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس، والبهائم والهوام، فيها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة». أخرجه الشيخان، وكذا أحمد، والحاكم وصححه، من طرق عن أبي هريرة بلفظ:«فيكملها مائة رحمة لأوليائه يوم القيامة»، وله بعض الشواهد خرجتها معه في " سلسلة الأحاديث الصحيحة "(رقم ١٦٣٤) فالآية الكريمة والحديث الشريف صريحان في أن الرحمة إنما هي للذين يستحقونها من المؤمنين، كلما كان المؤمن لله أتقى كلما كان بها أحظى، وليس الأمر كما يرجو بعض المهابيل من الذين يترنمون بقول شاعرهم البوصيري: لعل رحمة ربي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسم كيف هذا وربنا يقول:[والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروق وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطعيون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم](التوبة/٧١) ويقول: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم}(البقرة:٢١٨) ولذلك كان من دعاء الملائكة الذين يحملون العرش: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}(غافر:٧). فكل من وقاه الله تبارك وتعالى عذاب الجحيم فهو منغمس في رحمة الله يومئذ، كما هو صريح قوله عز وجل: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرت بعد إيمانكم فذقوا العذاب بما كنتن تكفرون. وأما الذين ابيضت