بينهم بمذهبه القديم والجديد، وهذا أبو الحسن الأشعري - إمام الأشاعرة في العقيدة - نشأ في الاعتزال أربعين عاماً يناظر عليه، ثم رجع عن ذلك وصرح بتضليل المعتزلة، وبالغ في الرد عليهم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " المجموع "(٤/ ٧٢).
وقد صرح بهذه الحقيقة الإمام أبو حنيفة رحمه الله حين نهى أبا يوسف عن تقليده فقال له:"ويحك يا يعقوب، لا تكتب كل ما تسمع مني، فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غداً، وأرى الرأي غداً وأتركه بعد غد".
ولذلك تتابعت أقوال الأئمة الأربعة وغيرهم في النهي عن تقليدهم، وجرى في ذلك على سننهم كل من جاء بعدهم من العلماء المحققين من أمثال ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، وجريت أنا على هذا الذي خططوه لنا في كل ما تبين من العلم كما تراه موضحاً في مقدمة "صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ".
وهذا هو السبب الذي يحملني على أن لا أحابي في ذات الله أباً، أو أداري في دين الله أحداً، فترانا هنا نرد على شيخ الإسلام ابن تيمية قوله بفناء النار، ولا نداريه مع عظمته في نفوسنا، وجلالته في قلوبنا فضلاً عن أننا لا نقلده في ديننا، خلافاً لما عليه عامة المقلدة الذين يحملهم إجلالهم لإمامهم على تقليده، ونبذ قول كل من خالف، حتى ولو كان المخالف هو النبي محمداً - صلى الله عليه وسلم -، بديل أن يتخذوه وحده قدوةً ولا يشركوا معه في ذلك أحداً كما هو الواجب (١) بل إنهم ليصرحون بخلاف ذلك كما قال أحدهم اليوم في كتيب له:
(١) انظر كلام الحافظ ابن رجب الحنبلي في " صفة الصلاة " (ص ٣٢ - ٣٣) الطبعة العاشرة - نشر المكتب الإسلامي. [منه].