للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محله، فلماذا مع ذلك يعتذر عنه بعض المقلدين وجمهورهم له يقلدون، وعن ابن تيمية يزورن، بل وله يعادون، والحكم واحد فهلاّ ساقوهما مساقاً واحداً، واعتذروا عنهما كليهما بجامع كونهما من أفاضل العلماء الأتقياء أم الأمر كما قال الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا

ولست بالذي يتبع عثرات العلماء، وإنما هي الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون، فينصفون ابن تيمية ولا يظلمون، وإلا فإن من فضائل ابن تيمية التي حرمها المقلدة علماً وعملاً تحذيره عن تتبع زلات العلماء، وعن التكلم فيهم؛ لأن الله عفا عما أخطؤوا فيه، فقال في آخر رسالته في تحريم الشطرنج في " المجموع " (٣٢/ ٢٣٩) ما نصه:

" وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا عن المؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال الله: قد فعلت" (١). وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا، ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقاً في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان فنقول: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} (٢).

وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور، ونعظم


(١) رواه مسلم. [منه].
(٢) سورة الحشر الآية ١٠: [والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم]. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>