وقد أخرجه من طريقه أيضاً: ابن حبان، وابن عدي (ق ١٦٠/ ١)، والطبراني في "الأوسط"(١/ ١٩٠/ ٢ - مصورة الجامعة)؛ وفي روايتهم ما أشرت إليه من السقط في "تفسير ابن كثير".
وهذا الحديث مما فات السيوطي؛ فلم يورده في "الجامع الكبير"، بل ولا في "الدر المنثور" في تفسير الآية: {وما يعمر من معمر ... }! وإنما أورد فيها الحديث الآتي بعده، ولم يورده أيضاً في آخر سورة (المنافقون) في قوله تعالى: {ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون} وهو بها أليق وألصق، وهي بمعنى الطرف الأول من الحديث.
وأما سائره؛ فمنكر لا شاهد له، بل هو مخالف لبعض الأحاديث الصحيحة المصرحة بأن هناك أسباباً شرعية لإطالة العمر؛ كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره (وفي رواية: أجله)؛ فليصل رحمه»؛ أخرجه الشيخان من حديث أنس، وله شواهد خرجت بعضها في "صحيح أبي داود"(١٤٨٦). وكقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «حسن الخلق وحسن الجوار؛ يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار». أخرجه أحمد بسند صحيح؛ كما تراه مبيناً في "الصحيحة"(٥١٩).
وقد يظن بعض الناس أن هذه الأحاديث تخالف الآية السابقة:{ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها ... }، وغيرها من الآيات والأحاديث التي في معناها! والحقيقة؛ أنه لا مخالفة؛ لأن الأحاديث المذكورة آنفاً إنما تتحدث عن مبدأ الأخذ بالأسباب، ولا تتحدث عما سبق في علم الله الأزلي من الآجال المحددة؛ فإن علم الله تعالى لا يتغير ولا يتبدل؛ تماماً كما هو الشأن في الأعمال الصالحة والطالحة، والسعادة والشقاوة، فالآيات والأحاديث التي تأمر بالإيمان