والعمل الصالح، وتنهى عن نقيضهما لا تكاد تحصى، وفي بعضها يقول الله تعالى:{ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون}، وقد ذكر العلماء المحققون أن الباء في هذه الآية؛ إنما هي باء السببية، فذلك كله لا ينافي ما سبق في علم الله تعالى من السعادة والشقاوة، بل إنما هما أمران متلازمان: السعادة مع العمل الصالح، والشقاوة مع العمل الطالح. وهذا صريح في قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها». أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "تخريج السنة"(١٧٥ - ١٧٦).
فانظر كيف أن نهاية الأمر كان مقروناً بالعمل دخول الجنة والنار. فكما أنه لا يقال: إن العمل ليس سبباً للدخول؛ فكذلك لا يقال: إن صلة الرحم وغيرها ليست سبباً لطول العمر بحجة أن العمر محدود؛ فإن الدخول أيضاً محدود:{فريق في الجنة وفريق في السعير}.
وما أحسن وأجمل جواب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما حدث أصحابه بقوله:«ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة». فقالوا: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟! فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له: أما من كان من أهل السعادة؛ فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة؛ فييسر لعمل أهل الشقاوة». ثم قرأ:{فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى ... } إلى قوله: {فسنيسره للعسرى}. أخرجه الشيخان.
وجملة القول: أن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً، فالعمل الصالح سبب لدخول الجنة، والعمل السيئ لدخول النار، فكذلك جعل بعض الأخلاق