للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. هذا التواكل، لكن إنسان عنده قوة إيمان بالله عز وجل، وعنده كم دينار أو فلس أو قرش .. إلخ، فإيمانه بالله عز وجل يحمله على أن يتصدق بهذه الأموال القليلة أو الكثيرة التي عنده، فهذا لا يلتقي أبداً مع التواكل، إنما هذا يلتقي مع التوكل على الله تبارك وتعالى، وإلا هل تظن بأن الرسول كان متواكلاً؟

مداخلة: لا.

الشيخ: فإذاً؟

مداخلة: متوكلاً.

الشيخ: ما فيه ارتباط بين الزهد الصحيح وبين التواكل إطلاقاً، لكن هنا شيء لابد للإنسان من أن يلاحظه، هذا الزهد الذي ذكرت نوعاً منه عن نبينا عليه الصلاة والسلام، هذا يختلف باختلاف الأشخاص، فليس كل إنسان يجوز له ليس يستحب له أن يخرج عن كل ماله كما فعل الرسول عليه السلام، ... وإنما هذا له أناس بلغ بهم إيمانهم وتوكلهم على الله مبلغاً لا تناله الناس أو البشرية كلها، فنحن نعلم مثلاً في الحديث الصحيح لما أبو بكر الصديق تصدق بما عنده فقال عليه السلام: «ماذا تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله» (١) فهذه أيضاً المنقبة والفضيلة اختص بها الرجل الأول بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من أصحابه.

لكن انظر الآن ما يقابل هذا بالنسبة لقصة سعد بن أبي وقاص لما مرض في حجة الوداع، وخشي أن يكون وفاته هناك، فعاده الرسول عليه السلام وقال له بأنه


(١) "فضائل الصحابة " لأحمد (١/ ٣٦٠ح ٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>